للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا ترغيب لأهل الكتاب في الإيمان فهو خير لهم في هذه الدنيا يستعصمون به من الفرقة والهلهلة التي كانوا عليها في تصوراتهم الاعتقادية والاجتماعية، وخير لهم في الآخرة يقيهم ما ينتظر غير المؤمنين من مصير، ثم هو بيان كذلك لحالهم لا يبخس الصالحون منهم حقهم فقال: {مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ} (١) وقد آمن من أهل الكتاب جماعة، وحسن إسلامهم منهم عبد الله بن سلام وأسد بن عبيد وثعلبة بن سعية، وإلى هؤلاء تشير الآية هنا بالإجمال وفي آية تالية بالتفصيل، أما الأكثرون فقد فسقوا عن دين الله حين لم يفوا بميثاق الله مع النبيين وفسقوا عن دين الله (٢).

ومما يدل على مكانة شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في إسلامنا أن جعله الله أشرف صفة يتصف بها هذا المؤمن فقال: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (٣).

المؤمنون الباذلون أنفسهم لله بثمن ألا وهو جنة عرضها السماوات والأرض وصفهم الله بأوصاف جليلة، أول هذه الأوصاف إخلاصهم في جهادهم وإكثارهم لذكر الله والأوب والإنابة إليه وحده، مع خضوعهم لله وحمدهم له على كل حال


(١) سورة آل عمران الآية ١١٠
(٢) التحرير والتنوير ٣/ ٢٦٤، الآية ٥٢ من سورة آل عمران.
(٣) سورة التوبة الآية ١١٢