للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على حق، وأن دينهم حق، ويسلكون في سبيل ذلك الأساليب التي فيها الرفق متأسين في ذلك بمنهج الأنبياء والمرسلين، قال تعالى آمرا موسى وهارون عليهما الصلاة والسلام: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (١) "هذه الآية فيها عبرة وعظة، وذلك أن فرعون كان في غاية العتو والاستكبار ومع هذا أمر ألا يخاطب إلا بالملاطفة واللين، والمعنى: أي أعذرا إليه وقولا له إن لك ربا ولك معادا، وإن بين يديك جنة ونارا، ومفاد هذه الآية أن دعوتهما له تكون بكلام رقيق لين سهل قريب ليكون أوقع في النفوس وأبلغ وأنجع " (٢).

ومما يدل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبب من الأسباب الموجبة لرحمة الله قوله تعالى: {وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (٣)، فالمؤمنون قلوبهم نظيفة، ملؤها الإيمان واليقين والأخوة الصادقة، بعضهم لبعض، يسود بينهم الإيثار والتواد والتعاطف، وقد صور النبي صلى الله عليه وسلم هذا المجتمع المتماسك فيما رواه النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد


(١) سورة طه الآية ٤٤
(٢) تفسير ابن كثير ٥/ ٢٨٨
(٣) سورة التوبة الآية ٧١