كتاب مجلة البحوث الإسلامية

المطلب السابع نموذج من حياة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر - النموذج الأول من حياة الأنبياء وهو خليل الله إبراهيم - ج: 64 - ص: 347

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم (١)»

فحكى الله لنا في محكم التنزيل إنكار إبراهيم على أبيه وقومه عبادة الأوثان والأصنام؛ لقوله تعالى: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ} (٢) {أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ} (٣) {فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ} (٤).

ثم بين الله لنا الأسلوب الأمثل الذي استخدمه إبراهيم عليه السلام مع أبيه فقال: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} (٥).

ولقد سلك عليه السلام في دعوته أحسن منهاج وأقوم سبيل، واحتج عليه أبدع احتجاج بحسن أدب وخلق جميل لئلا يركب متن المكابرة والعناد، ولا ينكب بالكلية عن محجة الرشاد حيث طلب منه علة عبادته لما يستخف به عقل كل عاقل من عالم وجاهل (٦).

فالوقفة الأولى: التي بدأ بها إبراهيم أن قال لأبيه: {لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا} (٧)

---

(١) الحديث من صحيح مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبي صلى الله عليه وسلم (٢٢٧٦) ٢/ ١٧٨٢.
(٢) سورة الصافات الآية ٨٥
(٣) سورة الصافات الآية ٨٦
(٤) سورة الصافات الآية ٨٧
(٥) سورة مريم الآية ٤٢
(٦) تفسير أبي السعود ٥/ ٢٦٧
(٧) سورة مريم الآية ٤٢