البحت، ولو كان خيرا لسبقونا إليه ولدلونا عليه. فإن كان الذي كانوا عليه هو الهدى والحق فماذا بعد الحق إلا الضلال. اهـ. نقله عنه ابن القيم في " إغاثة اللهفان ".
والحقيقة أن من نظر في حالة الموسوس تبين له مقاربته الجنون وإنكاره الحقائق، فإنه يكبر ويقول ما كبرت، ويقرأ بلسانه ويقول ما قرأت، وينوي بالصلاة ويريدها ويقول ما نويتها ولا أردتها. ولا شك أن هذا مكابرة للعيان وجحد ليقين النفس؛ ولهذا أفتى الإمام ابن عقيل رجلا قال له: أني أكبر وأقول ما كبرت، أفتاه ابن عقيل بما روى ابن الجوزي عن بعض مشايخه عنه أنه قال لذلك الرجل: دع الصلاة. فقيل لابن عقيل: كيف تقول هذا. فقال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «رفع القلم عن المجنون حتى يفيق (١)». ومن يكبر فيقول ما كبرت ليس بعاقل، والمجنون لا تجب عليه الصلاة. اهـ.
وأما السؤال عن الوسوسة هل تبطل الصلاة.
فالجواب عنه: أن منها ما يفسد الصلاة. قال ابن قدامة في ذم " الموسوسين ": من أصناف الوسواس ما يفسد الصلاة مثل تكرير بعض الكلمة، كقوله في التحيات: أت أت التحي التحي. وفي السلام: أس أس السلام. وفي التكبير: أكككبر. وفي إياك: إياككك. فهذا تكرير الكلمات غير معاني القراءة، وأخرج اللفظ عن وضعه من غير ضرورة، فهذا الظاهر بطلان الصلاة به. وربما كان إماما فأفسد صلاة المأمومين، وصارت الصلاة التي هي أكبر الطاعات
(١) سنن النسائي الطلاق (٣٤٣٢)، سنن أبو داود الحدود (٤٣٩٨)، سنن ابن ماجه الطلاق (٢٠٤١)، مسند أحمد بن حنبل (٦/ ١٠١)، سنن الدارمي الحدود (٢٢٩٦).