تأويل، أو رجوع ونحوه وكثيرا ما يفعل الرجل الشيء ولا يعلم مفسدته. فإذا نبه له انتبه، ولا سيما أم ولده. فإنها دخلت على عائشة تستفتيها وطلبت الرجوع إلى رأس مالها وهذا يدل على الرجوع عن ذلك العقد ولم ينقل عن زيد أنه أصر على ذلك.
فإن قيل: لا نسلم ثبوت الحديث فإن أم ولد زيد مجهولة.
قلنا: أم ولده لم ترو الحديث وإنما كانت هي صاحبة القصة، وأما العالية فهي امرأة أبي إسحاق السبيعي وهي من التابعيات وقد دخلت على عائشة وروى عنها أبو إسحاق. وهو أعلم بها، وفي الحديث قصة وسياق يدل على أنه محفوظ وأن العالية لم تختلق هذه القصة ولم تضعها بل يغلب على الظن غلبة قوية صدقها فيها وحفظها لها ولهذا رواها عنها زوجها ميمون ولم ينهها ولا سيما عند من يقول: رواية العدل عن غيره تعديل له والكذب لم يكن فاشيا في التابعين فشوه فيمن بعدهم وكثير منهم كان يروي عن أمه وامرأته ما يخبرهن به أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحتج به.
* فهذه أربعة أحاديث تبين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم العينة:
حديث ابن عمر الذي فيه تغليظ العينة.
وحديث أنس وابن عباس: أنهما مما حرم الله ورسوله.
وحديث عائشة هذا والمرسل منها له ما يوافقه. وقد عمل به بعض الصحابة والسلف. وهذه حجة باتفاق الفقهاء.
* الدليل السادس: ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا (١)».
* وللعلماء في تفسيره قولان:
أحدهما: أن يقول: بعتك بعشرة نقدا أو عشرين نسيئة وهذا هو الذي رواه أحمد عن سماك ففسره في حديث ابن مسعود قال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
(١) سنن الترمذي البيوع (١٢٣١)، سنن النسائي البيوع (٤٦٣٢)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٦١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٣٢).