للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفقتين في صفقة (١)» قال سماك: الرجل يبيع البيع فيقول هو علي نساء بكذا وينقد بكذا.

وهذا التفسير ضعيف فإنه لا يدخل الربا في هذه الصورة ولا "صفقتين" هنا وإنما هي صفقة واحدة بأحد الثمنين.

والتفسير الثاني: أن يقول: أبيعكها بمائة إلى سنة على أن أشتريها منك بثمانين حالة وهذا معنى الحديث الذي لا معنى له غيره. وهو مطابق لقوله "فله أوكسهما أو الربا" فإنه إما أن يأخذ الثمن الزائد فيربى أو الثمن الأول فيكون هو أوكسهما وهو مطابق لصفقتين في صفقة. فإنه قد جمع صفقتي النقد والنسيئة في صفقة واحدة ومبيع واحد، وهو قد قصد بيع دراهم عاجلة بدراهم مؤجلة أكثر منها ولا يستحق إلا رأس ماله وهو أوكس الصفقتين. فإن أبى إلا الأكثر كان قد أخذ الربا.

فتدبر مطابقة هذا التفسير لألفاظه صلى الله عليه وسلم، وانطباقه عليها.

ومما يشهد لهذا التفسير: ما رواه الإمام أحمد عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه نهى عن بيعتين في بيعة " و " عن سلف وبيع (٢)» فجمعه بين هذين العقدين في النهي لأن كلا منهما يؤول إلى الربا، لأنهما في الظاهر بيع وفي الحقيقة ربا.

ومما يدل على تحريم العينة: حديث ابن مسعود يرفعه: «لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والمحلل والمحلل له (٣)».

ومعلوم أن الشاهدين والكاتب إنما يكتب ويشهد على عقد صورته جائزة الكتابة والشهادة لا يشهد بمجرد الربا ولا يكتبه. ولهذا أقرنه بالمحلل والمحلل له حيث أظهر صورة النكاح ولا نكاح كما أظهر الكاتب والشاهد أنه صورة البيع ولا بيع.

وتأمل كيف لعن في الحديث الشاهدين والكاتب والآكل والموكل فلعن المعقود له والمعين له على ذلك العقد ولعن المحلل والمحلل له فالمحلل له: هو الذي يعقد التحليل لأجله والمحلل: هو المعين له بإظهار صورة العقد، كما أن المرابي: هو المعان على أكل الربا بإظهار صورة العقد المكتوب المشهود به.


(١) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٩٨).
(٢) صحيح البخاري الصلاة (٣٦٨)، سنن النسائي البيوع (٤٥١٧)، سنن ابن ماجه التجارات (٢١٦٩)، موطأ مالك الجامع (١٧٠٤).
(٣) صحيح مسلم المساقاة (١٥٩٧، ١٥٩٨)، سنن الترمذي البيوع (١٢٠٦)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٣٣)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٧٧)، مسند أحمد بن حنبل (٣/ ٣٠٤)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٣٥).