للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صورة لتميز بها عن غيرها، فإنها تتأثر وتنتقل عن البدن، كما يتأثر البدن وينتقل عنها، فيكتسب البدن الطيب والخبث من طيب النفس وخبثها، وتكتسب النفس الطيب والخبث من طيب البدن وخبثه، فأشد الأشياء ارتباطا وتناسبا وتفاعلا، وتأثرا من أحدهما بالآخر، الروح والبدن، ولهذا يقال لها عند المفارقة: اخرجي أيتها النفس الطيبة، كانت في الجسد الطيب، واخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، فتأخذها الملائكة من يده فيوجد لها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، أو كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض) (١).

والأعراض لا ريح لها ولا تمسك، ولا تؤخذ من يد إلى يد. . . وإذا كان هذا شأن الأرواح فتميزها بعد المفارقة يكون أظهر من تميز الأبدان، والاشتباه بينها أبعد من اشتباه الأبدان، فإن الأبدان تشتبه كثيرا، وأما الأرواح فقل ما تشتبه. . . وإذا كانت الأرواح العلوية وهم الملائكة، متميزا بعضهم عن بعض من غير أجسام تحملهم، وكذلك الجن، فتميز الأرواح البشرية أولى) (٢).

والروح أو النفس إذا فارقت البدن بعد الممات، فإن لها به تعلقا في البرزخ، فإنها وإن فارقته وتجردت عنه فإنها لم تفارقه فراقا كليا،


(١) أخرجه الإمام أحمد في مسنده ٤/ ٢٨٧ بطوله.
(٢) الروح لابن القيم، ص٥٣، ٥٤.