للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبالجملة: فإن المنصف يعلم أنه يبعد كل البعد أن يأذن الشارع للنساء في الكشف عن الوجه أمام الرجال الأجانب مع أن الوجه هو أصل الجمال، والنظر إليه من الشابة الجميلة هو أعظم مثير للغريزة البشرية، وداع إلى الفتنة والوقوع فيما لا ينبغي (١).

الثانية: حكاية المرأة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وجاء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد فيها النظر، ولم يأمرها بالتستر عن الحاضرين.

فهذا يدل أولا على جواز نظر الخاطب للمرأة التي يرغب في الزواج منها، وأهم ما ينبغي النظر إليه الوجه، وما يظهر عادة كاليدين والقدمين؛ لأن الوجه هو مجمع المحاسن للمرأة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا خطب أحدكم المرأة، فإن استطاع أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل. قال جابر بن عبد الله راوي الحديث: فخطبت امرأة فكنت أتخبأ لها، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها فتزوجتها (٢)» وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: «اذهب فانظر إليها، لعله يؤدم بينكما (٣)» فصار النظر في حالة الخطبة، كالإدام مع الطعام، الذي يشهي الطعام، وعلله


(١) أضواء البيان للشيخ الشنقيطي ٦: ٦٠٠ - ٦٠٢.
(٢) رواه أبو داود في باب النظر إلى المرأة، من كتاب النكاح ١: ٤٨٠، كما أخرجه الإمام أحمد في المسند ٣: ٣٦٠، وفي هذا الحديث أن نساء الصحابة متحجبات بوجوههن ولسن سافرات.
(٣) سنن الترمذي النكاح (١٠٨٧)، سنن النسائي النكاح (٣٢٣٥)، سنن ابن ماجه النكاح (١٨٦٦)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٤٥)، سنن الدارمي النكاح (٢١٧٢).