للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أحدهما: في الاستدلال على جوازه.

والثاني: في الجواب عما استدللتم به على المنع.

* فأما الأول: فنقول قال ابن المنذر: ثبت عن ابن عباس أنه قال: "إذا أسلفت في شيء إلى أجل فإن أخذت ما أسلفت وإلا فخذ عوضا أنقص منه ولا تربح مرتين" رواه شعبة.

فهذا قول صحابي، وهو حجة، ما لم يخالف.

قالوا: وأيضا فلو امتنعت المعاوضة عليه لكان ذلك لأجل كونه مبيعا لم يتصل به القبض، وقد ثبت عن ابن عمر أنه قال: «أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: إني أبيع الإبل بالبقيع فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير؟ فقال: لا بأس أن تأخذ بسعر يومها ما لم تتفرقا وبينكما شيء فهذا بيع للثمن ممن هو في ذمته قبل قبضه (١)».

فما الفرق بينه وبين الاعتياض عن دين السلم بغيره؟

قالوا: وقد نص أحمد على جواز بيع الدين لمن هو في ذمته ولغيره وإن كان أكثر أصحابنا لا يحكون عنه جوازه لغير من هو في ذمته فقد نص عليه في مواضع حكاه شيخنا أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله- عنه.

والذين منعوا جواز بيعه لمن هو في ذمته قاسوه على السلم وقالوا لأنه دين. فلا يجوز بيعه كدين السلم. وهذا ضعيف من وجهين:

أحدهما: أنه قد ثبت في حديث ابن عمر جوازه.

والثاني: أن دين السلم غير مجمع على منع بيعه فقد ذكرنا عن ابن عباس جوازه. ومالك يجوز بيعه من غير المستلف.

والذين فرقوا بين دين السلم وغيره لم يفرقوا بفرق مؤثر والقياس التسوية بينهما.

وأما المقام الثاني: فقالوا: أما الحديث: فالجواب عنه من وجهين:

أحدهما: ضعفه كما تقدم.

والثاني: أن المراد به أن لا يصرف المسلم فيه إلى سلم آخر أو يبيعه بمعين


(١) سنن الترمذي البيوع (١٢٤٢)، سنن النسائي البيوع (٤٥٨٢)، سنن أبو داود البيوع (٣٣٥٤)، سنن ابن ماجه التجارات (٢٢٦٢)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٨٣)، سنن الدارمي البيوع (٢٥٨١).