الثالث: أن حديث منع القاتل من الإرث ليس على عمومه عند أكثر المحتجين به، حيث أخرجوا من عمومه ما إذا كان الوارث قتل مورثه بحق القصاص، ودفع الصائل، ورجم الزاني المحصن، ونحو ذلك.
ويظهر لك جليا أن القاتل خطأ لا يمنع الميراث فيما لو كان هنا ابن بار بأبيه مطيع له خادم له ليلا وفارا فسافر به إلى الحج وكان الابن قائد السيارة فتصادم مع سيارة وكان على الابن خمسون بالمائة، فهلك أبوه بذلك، وكان له ابن عم بعيد فيحرم الابن من ميراث أبيه وهو أعظم الناس مصيبة به، ويعطى ابن العم الذي ما كان يعرفه ولا يهتم بحياته أو موته.
وكذلك لو كان ابنان أحدهما بار بأبيهما والثاني عاق له فحمل الابن البار أباهما إلى العمرة فحصل الحادث على يده وهلك الأب فيحرم الابن البار من الميراث ويعطى العاق مع أن الأول بفقد أبيهما أعظم مصيبة من العاق.
فمثل هاتين الصورتين لا تطيب النفس بحرمان هذا القاتل من الميراث وهو أبعد الناس عن التهمة بقتل أبيه ليرث منه، والشريعة العادلة المبنية على الحكمة يبعد جدا أن تأتي بذلك.