للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا (١)» رواه أبو داود وفي لفظ «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة (٢)» رواه أحمد والنسائي والترمذي وصححه، وعن سماك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن صفقتين في صفقة (٣)» قال سماك هو الرجل يبيع البيع فيقول هو بنسأ بكذا وهو بنقد بكذا وكذا) رواه أحمد.

حديث أبي هريرة باللفظ الأول في إسناده محمد بن عمرو بن علقمة وقد تكلم فيه غير واحد قال المنذري: والمشهور عنه من رواية الدراوردي ومحمد بن عبد الله الأنصاري «أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيعتين في بيعة (٤)» انتهى. وهو باللفظ الثاني عند من ذكره المصنف وأخرجه أيضا الشافعي ومالك في بلاغاته وحديث ابن مسعود أورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه. وقال في مجمع الزوائد: رجال أحمد ثقات، وأخرجه أيضا البزار والطبراني في الكبير والأوسط، وفي الباب عن ابن عمر عند الدارقطني وابن عبد البر قوله: من باع بيعتين فسره سماك بما رواه المصنف عن أحمد عنه وقد وافقه على مثل ذلك الشافعي فقال: بأن يقول بعتك بألف نقدا أو ألفين إلى سنة فخذ أيهما شئت أنت وشئت أنا، ونقل ابن الرفعة عن القاضي أن المسألة مفروضة على أنه قبل على الإيهام، أما لو قال قبلت بألف نقدا أو بألفين بالنسيئة صح ذلك وقد فسر الشافعي في تفسير آخر فقال: هو أن يقول بعتك ذا العبد بألف على أن تبيعني دارك بكذا أي إذا وجب لك عندي وجب لي عندك وهذا يصلح تفسيرا للرواية الأخرى من حديث أبي هريرة لا للأولى، فإن قوله: فله أوكسهما يدل على أنه باع الشيء الواحد بيعتين ببيعة بأقل وبيعة بأكثر.

وقيل في تفسير ذلك هو أن يسلفه دينارا في قفيز حنطة إلى شهر فلما حل الأجل وطالبه بالحنطة قال: بعني القفيز الذي لك علي إلى شهرين بقفيزين، فصار ذلك بيعتين في بيعة لأن البيع الثاني قد دخل على الأول فيرد إليه أوكسهما وهو الأول، كذا في شرح السنن لابن رسلان، قوله "فله أوكسهما" أي أنقصهما قال الخطابي: لا أعلم أحدا قال بظاهر الحديث وصحح البيع بأوكس الثمنين إلا ما حكى


(١) سنن الترمذي البيوع (١٢٣١)، سنن النسائي البيوع (٤٦٣٢)، سنن أبو داود البيوع (٣٤٦١)، مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٤٣٢).
(٢) سنن الترمذي البيوع (١٢٣١)، سنن النسائي البيوع (٤٦٣٢).
(٣) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٩٨).
(٤) صحيح البخاري الصلاة (٣٦٨)، سنن النسائي البيوع (٤٥١٧)، سنن ابن ماجه التجارات (٢١٦٩)، موطأ مالك الجامع (١٧٠٤).