للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الأوزاعي وهو مذهب فاسد انتهى. ولا يخفى أن ما قاله هو ظاهر الحديث لأن الحكم له بالأوكس يستلزم صحة البيع به، قوله: "أو الربا" يعني أو يكون قد دخل هو وصاحبه في الربا المحرم إذا لم يأخذ الأوكس بل أخذ الأكثر، وذلك ظاهر في التفسير الذي ذكره ابن رسلان، وأما في التفسير الذي ذكره أحمد عن سماك وذكره الشافعي ففيه متمسك من قال: يحرم بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء، وقد ذهب إلى ذلك زين العابدين علي بن الحسين والناصر والمنصور بالله والهادوية والإمام يحيى.

وقالت الشافعية والحنفية وزيد بن علي والمؤيد بالله والجمهور: إنه يجوز لعموم الأدلة القاضية بجوازه وهو الظاهر لأن ذلك المتمسك هو الرواية الأولى من حديث أبي هريرة، وقد عرفت ما في راويها من المقال ومع ذلك فالمشهور عنه اللفظ الذي رواه غيره وهو النهي عن بيعتين في بيعة ولا نتيجة فيه على المطلوب، ولو سلمنا أن تلك الرواية التي تفرد بها ذلك الراوي صالحة للاحتجاج لكان احتمالها لتفسير خارج عن محل النزاع كما سلف عن ابن رسلان قادحا في الاستدلال بها على التنازع فيه على أن غاية ما فيها الدلالة على المنع من البيع إذا وقع على هذه الصورة وهي أن يقول: نقدا بكذا ونسيئة بكذا، إلا إذا قال من أول الأمر: نسيئة بكذا فقط، وكان أكثر من سعر يومه مع أن المتمسكين بهذه الرواية يمنعون من هذه الصورة ولا يدل الحديث على ذلك فالدليل أخص من الدعوى، وقد جمعنا رسالة في هذه المسألة وسميناها شفاء الغلل في حكم زيادة الثمن لمجرد الأجل وحققناها تحقيقا لم نسبق إليه والعلة في تحريم بيعتين في بيعة عدم استقرار الثمن في ثورة بيع الشيء الواحد بثمنين والتعليق بالشرط المستقبل في صورة بيع هذا على أن يبيع منه ذاك ولزوم الربا في صورة القفيز الحنطة: قوله: " أو صفقتين في صفقة " أي بيعتين في بيعة.

د قال صاحب نصب الراية -رحمه الله- في أحاديث الهداية:

الحديث الثالث عشر: روي «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صفقتين في صفقة (١)»، قلت رواه أحمد في (مسنده) حدثنا حسن، وأبو النضر، وأسود بن عامر،


(١) مسند أحمد بن حنبل (١/ ٣٩٨).