للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صفات الكمال والعظمة والحكم البالغة، وما له من النعم الواسعة والأيادي المتكاثرة، وعلى صدق ما أخبر به من المعاد والجنة والنار، وعلى صدق رسله وحقيقة ما جاءوا به من عنده (١).

وكلما تدبر العاقل في هذه المخلوقات وتغلغل فكره في بدائع المبتدعات وزاد تأمله للصنعة وما أودع فيها من لطائف البر والحكمة، علم بذلك أنها خلقت للحق وبالحق، وأنها صحائف آيات وكتب دلالات على ما أخبر الله به عن نفسه ووحدانيته، وما أخبرت به الرسل عن اليوم الآخر، وأنها مسخرات ليس لها تدبير ولا استعصاء على مدبرها ومصرفها، فيعلم أن العالم العلوي والسفلي كلهم إليه مفتقرون وإليه صائرون، وأنه الغني بالذات عن جميع المخلوقات (٢).

قال ابن العربي: " أمر الله تعالى بالنظر في آياته والاعتبار بمخلوقاته في أعداد كثيرة من آي القرآن، أراد بذلك زيادة في اليقين وقوة في الإيمان، وتثبيتا للقلوب على التوحيد، قيل لأبي الدرداء: أفترى الفكر عملا من الأعمال؟ قال: نعم هو اليقين " (٣). فالتفكر طريق العبد إلى اليقين، قال بعض السلف: مازال المؤمنون يتفكرون فيما خلق ربهم حتى أيقنت قلوبهم بربهم (٤).


(١) انظر: السعدي، القواعد الحسان، ص٨٤
(٢) انظر: السعدي، تيسير الكريم الرحمن، سورة البقرة الآية ١٦٤
(٣) ابن العربي، أحكام القرآن، ج٢، ص٣٥٣
(٤) انظر أبا نعيم، حلية الأولياء، ج٦، ص٣٠٣