للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الترتيب، وإنما هي لمطلق الجمع. فقوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} (١) صار الجميع كأنه ذكر معا، لا تقدم لبعضها على بعض، فلما دخل عليها الاستثناء لم يكن رجوع الاستثناء إلى بعضها أولى من بعض؛ إذ لم يكن لبعضها على بعض تقدم في المعنى البتة، فوجب رجوعه إلى الكل (٢) وهذا الاستثناء موجود في كتاب الله في أكثر من آية.

قال ابن العربي: " وقال أبو حنيفة: إن الاستثناء يرجع إلى أقرب مذكور. والصحيح رجوعه إلى الجميع لغة، وشريعة، ألا ترى قوله تعالى: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (٣) {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٤) وهذه الآية أختها ونظيرها في المقصود (٥)


(١) سورة النور الآية ٤
(٢) التفسير الكبير للفخر الرازي (٢٣/ ١٦٢).
(٣) سورة المائدة الآية ٣٣
(٤) سورة المائدة الآية ٣٤
(٥) أحكام القرآن لابن العربي (٣/ ١٣٣٩، ١٣٤٠).