للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسلم: «. . . ومن أتى منكم حدا فأقيم عليه فهو كفارة له. . . (١)»، فلم يجز أن يكون تكفير ذنبه موجبا لتغليظ حكمه (٢).

٦ - أن القاذف قبل الحد لم يحكم بكذبه، فتقبل شهادته، وبعد الحد يصير محكوما بكذبه، والمتهم بالكذب لا شهادة له، فالمحكوم عليه بالكذب أولى (٣).

ونوقش: بأن القاذف محكوم عليه بالكذب قبل الحد إذا عجز عن الإتيان بالشهود، يقول الله تعالى: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (٤)، وهذا في حكم الشرع، وظاهر الأمر، لا في علم الله تعالى، فإن الله سبحانه وتعالى رتب الحدود على حكمه الذي شرع في الدنيا، لا على مقتضى علمه الذي تعلق بالإنسان على ما هو عليه، فإنما يبنى على ذلك حكم الآخرة (٥).

٧ - أن القاذف قبل الجلد على أصل عدالته، وربما أقام البينة بما قال، أو اعترف له مقذوفه، فلا وجه لإسقاط عدالته، ورد


(١) هذا جزء من حديث أخرجه مسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب الحدود كفارات لأهلها (٣/ ١٣٣٣).
(٢) الحاوي للماودي (١٧/ ٢٥).
(٣) المبسوط للسرخسي (١٦/ ١٢٨).
(٤) سورة النور الآية ١٣
(٥) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٢/ ٢٠٣).