للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القول، كالتوبة من الردة، فيقول القاذف: قذفي باطل، وإني نادم على ما فعلت، ولا أعود إليه. أو يقول: ما كنت محقا في قذفي، وقد تبت منه، ونحو ذلك؛ ليندفع عار القذف الذي لحق بالمقذوف بسبب القذف، ولا يكلف أن يقول: كنت كاذبا؛ لجواز أن يكون صادقا في قذفه، فيصير بتكذيبه نفسه عاصيا، كما كان بقذفه عاصيا (١).

ونوقش هذا الدليل من وجهين:

الوجه الأول: أن قوله: قذفي باطل، أو ما كنت محقا في قذفي صريح في إكذاب نفسه (٢).

وأجيب:

أ- بأن المحذور إلزام القاذف بالتصريح بكذبه لا بالتعريض به، وهذا فيه تعريض لا تصريح، فإنه لو قيل لمن قال شيئا: هذا باطل. لم يحصل له به كبير مشقة، ولو قيل له: كذبت حصل له غاية الحنق (٣).

ب - أن البطلان لا ينافي مطلق الصدق، لأنه قد يحصل لاختلال بعض المقدمات، فقد يعجز الرجل عن إقامة البينة وهو صادق في قذفه، بخلاف الكذب فإنه مناف للصدق (٤)، فلهذا يؤمر


(١) روضة الطالبين (١١/ ٢٤٨)، نهاية المحتاج (٨/ ٣٠٨)، والحاوي للماوردي (١٧/ ٣١، ٣٢).
(٢) مغني المحتاج (٤/ ٤٣٩)، ونهاية المحتاج (٨/ ٣٠٨).
(٣) نهاية المحتاج (٨/ ٣٠٨).
(٤) نهاية المحتاج (٨/ ٣٠٨)، والجامع لأحكام القرآن للقرطبي (١٢/ ٢٠٣).