للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السب، أن الشهادة على الزنا لحق الله، ولو كمل عدد الشهود للزمه أن يشهد، فلهذا لا يقول: إني كنت كاذبا، ولا يقول: لا أعود (١).

بخلاف قذف السب والإيذاء، فإنه معصية تعلق حق آدمي، فلا بد أن يكذب نفسه؛ ليزول العار الذي لحق بعرض المقذوف بسبب القذف.

ونوقش: بأن هذا استدلال بالمعقول، وهو مخالف للمنقول، والمنقول مقدم على المعقول.

فهو مخالف لقوله تعالى: {فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} (٢) فإن هذه الآية تدل بعمومها على أن كل قاذف لم يأت ببينة فهو في حكم الله كاذب، من غير فرق بين قذف السب، والقذف على صورة الشهادة.

أدلة القول الخامس:

أولا: إذا علم من نفسه الصدق فيما قذف به، فتوبته الاستغفار، والإقرار ببطلان ما قاله، وتحريمه، وأن لا يعود إلى مثله، ولا يؤمر بإكذاب نفسه؛ لأنه صادق، والصادق لا يؤمر بالكذب (٣).

ثانيا: إذا لم يعلم صدق نفسه، فتوبته إكذاب نفسه لأنه لا


(١) الحاوي للماوردي (١٧/ ٣٣).
(٢) سورة النور الآية ١٣
(٣) المغني لابن قدامة (١٤/ ١٩١، ١٩٢).