فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال: هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب (١)». وعن جابر بن عبد الله قال:«فقد النبي صلى الله عليه وسلم قوما في صلاة فقال: ما خلفكم عن الصلاة؟ فقالوا: الماء كان بيننا، فقال: لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد» رواه الدارقطني، ولدلائل أخر ليس مع من خالف ما يقاومها.
قال ابن القيم رحمه الله في (كتاب الصلاة): ومن تأمل السنة حق التأمل تبين له أن فعلها في المساجد فرض على الأعيان إلا لعارض يجوز معه ترك الجمعة والجماعة. فترك حضور المسجد لغير عذر كترك أصل الجماعة لغير عذر؛ وبهذا تتفق جميع الآثار والأحاديث.
ولما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبلغ أهل مكة موته خطبهم سهيل بن عمرو، وكان عتاب بن أسيد عامله على مكة قد توارى خوفا من أهل مكة، فأخرجه سهيل وثبت أهل مكة على الإسلام، فخطبهم بعد ذلك عتاب، وقال: يا أهل مكة والله لا يبلغني أن أحدا منكم تخلف عن الصلاة في المسجد في الجماعة إلا ضربت عنقه. وشكر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الصنيع وزاده رفعة في أعينهم. فالذي ندين الله به أنه لا يجوز لأحد التخلف عن الجماعة في المسجد إلا من عذر. اهـ، فقد عرفت مما تقدم أن الجماعة واجبة على الأعيان، وأنه لا يعذر عن فعلها جماعة في المسجد إلا من عذره الشرع بالبيان المتقدم. أما ما ذكرت عن درس العلم وتدريسه فليس عذرا في عدم الحضور، والله أعلم.
(١) صحيح مسلم المساجد ومواضع الصلاة (٦٥٣)، سنن النسائي الإمامة (٨٥٠).