للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فله قيراطان، قيل: يا رسول الله، ما القيراطان؟ قال: مثل الجبلين العظيمين (١)» يعني: من الأجر، وهذا يدل على شرعية اتباع الجنائز للصلاة وللدفن جميعا وما ذاك إلا لما في اتباع الجنائز من المصالح الكثيرة، منها: أن ذلك يذكر بالموت ويذكر التابع بالاستعداد للآخرة، وأن الذي أصاب أخاه سوف يصيبه، فليعد العدة وليحذر من الغفلة.

ومن ذلك أيضا: أن في اتباع الجنائز جبرا للمصابين ومواساة لهم وتعزية لهم في ميتهم، فيحصل له بذلك أجر التعزية والجبر والمواساة لإخوانه.

ومن ذلك أيضا: أنه يعينهم على ما قد يحتاجون إليه في حمل ميتهم ودفنه. فعلى كل تقدير اتباع الجنائز فيه مصالح كثيرة، ولو لم يكن فيها إلا أنه يذكر بالموت وما بعده ويدعو إلى الاستعداد للآخرة والتأهب للقاء الله عز وجل لكان هذا كافيا، فكيف وفي ذلك مصالح أخرى؟ ثم في ذلك هذا الأجر العظيم، أنه يحصل له بالصلاة قدر قيراط، قدر جبل من الأجر، وبالصلاة والدفن جميعا مثل الجبلين العظيمين من الأجر، وهذا فضل كبير وخير عظيم. وروى البخاري رحمه الله في صحيحه بلفظ آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من تبع جنازة مسلم إيمانا واحتسابا، وكان


(١) رواه الإمام أحمد في (باقي مسند المكثرين) برقم (٨٩٥٥)، والبخاري في (الجنائز) برقم (١٣٢٥)، ومسلم في (الجنائز) برقم (٩٤٥)