" إن عملية نقد مصنفات التفسير بالمأثور عند المسلمين يمكن أن تقودنا إلى الإسهام الإيجابي في مشروع إعادة تفسير القرآن، فأعلام المفسرين- في الواقع- هم أهم شاهد على الطريقة التي تشكلت بها الذاكرة الإسلامية المشتركة، إن تفسيرا أثريا كتفسير الطبري، نجده فضلا عن شروحه الفلسفية والنحوية، وشواهده الشعرية يجمع قدرا كبيرا من مرويات التفسير المنقولة بواسطة أكثر من خمس وثلاثين ألف سلسلة رجال، وهذا المصنف يمدنا بالطريقة التي تنتقل بها المرويات (الأحاديث)، هذه الأخيرة التي عملت دائما على تجديد التصورات الوجدانية، وفي هذه البوتقة فإن المفسر التقليدي ليس مجرد جامع للمرويات يكتفي بتسجيل، ثم نقل تلك الأحاديث لمن يأتي من بعده، بل أنه يرتب الأحاديث ويرجح فيما بينها، ويدلي برأيه فيها، ويعطي لتلك المرويات دلالة في التصور الإسلامي العام، على أن هذه الدلالة يتم تأكيدها وإثباتها من قبل المفسر بواسطة سلاسل الرواة التي يضمن بها تماسك "أيديولوجية " الجماعة المؤمنة؛ ولجوء المفسر إلى هذا النوع من الخطاب الذي يعتمد على إسناد الحديث يكشف لنا مختلف الإسقاطات التي وقعت في كتب التفسير، حيث كانت الرغبة متجهة لتكريس مرويات بعض الصحابة الذين خصتهم كتب التراث بسير أسطورية مثل ابن عم محمد- صلى الله عليه