للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حق على من زنى من الرجال والنساء إذا أحصن إذا قامت البينة أو الحبل أو الاعتراف (١)». رواه مالك والبخاري ومسلم، وروى مالك والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي عن عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما- قال: سمعت عمر - رضي الله عنه- وهو على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ويقول: «إن الله بعث محمدا بالحق، وأنزل عليه الكتاب، ومما أنزل عليه آية الرجم، فقرأناها ووعيناها، ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب الله. فيضلوا بترك فريضة أنزلها الله في كتابه؛ فإن الرجم في كتاب الله حق على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء، إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف، وايم الله لولا أن يقول الناس: زاد عمر في كتاب الله، لكتبتها (٢)».

وروى مالك في الموطأ من حديث ابن عباس - رضي الله عنهما- أن عمر - رضي الله عنه - لما قدم المدينة من حجته خطب الناس فقال: «يا أيها الناس، قد سنت لكم السنن، وفرضت لكم الفرائض، وتركتم على الواضحة إلا أن تضلوا يمينا وشمالا، وضرب بإحدى يديه على الأخرى ثم قال: إياكم أن تهلكوا عن آية الرجم، يقول قائل: لا نجد حدين في كتاب الله، فقد رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجمنا بعده، والذي نفسي بيده لولا أن يقول الناس: زاد عمر بن الخطاب في كتاب الله، لكتبتها: الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة، فإنا قد قرأناها (٣)». قال مالك: قال يحيى بن سعيد: قال سعيد بن المسيب: فما انسلخ ذو الحجة حتى قتل عمر - رضي الله عنه - قال مالك: الشيخ والشيخة: يعني الثيب والثيبة.

والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وقد ثبت في الصحاح والسنن والمسانيد «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ماعزا ورجم الغامدية (٤)» ورجم التي زنى بها العسيف حيث قال: «واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها (٥)»، ورجم اليهوديين الذين زنيا، وتلقى الناس هذا الحكم وعملوا به مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده مع خلفائه الراشدين، وعمل به المسلمون بعدهم إلى يومنا هذا في كل بلد تطبق فيه أحكام شريعة الإسلام، وأجمع على هذا الحكم علماء الإسلام، فنقل الإجماع على ذلك الإمام ابن المنذر وابن عبد البر وابن حزم وابن رشد وابن هبيرة في الإفصاح، والموفق في المغنى، ولم يذكر شيخ الإسلام ابن تيميه خلافا في ذلك إلا في جمع الجلد مع الرجم، كما نقل الإجماع عن ابن المنذر بهاء الدين المقدسي في شرح العمدة، وكذا نقل الإجماع ابن الهمام الحنفي والرملي والشربيني وغيرهم، ولم يعلم


(١) صحيح البخاري الحدود (٦٨٣٠)، سنن الترمذي الحدود (١٤٣٢)، سنن أبو داود الحدود (٤٤١٨)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٥٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٦)، موطأ مالك الحدود (١٥٥٨)، سنن الدارمي الحدود (٢٣٢٢).
(٢) صحيح البخاري الحدود (٦٨٣٠)، صحيح مسلم الحدود (١٦٩١)، سنن الترمذي الحدود (١٤٣٢)، سنن أبو داود الحدود (٤٤١٨)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٥٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٦)، موطأ مالك الحدود (١٥٥٨)، سنن الدارمي الحدود (٢٣٢٢).
(٣) سنن الترمذي الحدود (١٤٣١)، سنن أبو داود الحدود (٤٤١٨)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٥٣)، مسند أحمد بن حنبل (١/ ٥٦)، موطأ مالك الحدود (١٥٦٠).
(٤) صحيح مسلم الحدود (١٦٩٥)، سنن أبو داود الحدود (٤٤٣٤)، مسند أحمد بن حنبل (٥/ ٣٤٨)، سنن الدارمي الحدود (٢٣٢٤).
(٥) صحيح البخاري الوكالة (٢٣١٥)، صحيح مسلم الحدود (١٦٩٨)، سنن الترمذي الحدود (١٤٣٣)، سنن النسائي آداب القضاة (٥٤١١)، سنن أبو داود الحدود (٤٤٤٥)، سنن ابن ماجه الحدود (٢٥٤٩)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ١١٥)، موطأ مالك الحدود (١٥٥٦)، سنن الدارمي الحدود (٢٣١٧).