للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأمثلة على هذا كثيرة، فهذا دليل واضح أنهم كانوا في الغالب لا يحدثون إلا من كان فطنا حافظا لكتاب الله ملتزما شرع الله تعالى.

كما أنهم كانوا لا يحدثون إلا من كان راغبا في سماع الحديث وتحمله، إلى جانب ما تقدم من بعض الأمور التي ينبغي لطالب الحديث أن يتصف بها، قال الإمام مسروق بن الأجدع المتوفى سنة اثنتين وستين: (لا تنشر بزك إلا عندما يبغيه) (١).

قال الإمام أحمد: يعني الحديث.

ولا يخفى على أحد أن العلم إذا أعطي للزاهد فيه، فإنه سرعان ما ينساه، وحينئذ سيكون ضرره أكثر من نفعه.

قال أبو قلابة المتوفى سنة أربع ومائة: (لا تحدث بالحديث من لا يعرفه، يضره، ولا ينفعه) (٢).

لذا نجد غير واحد من المحدثين يحذر من أن يعطى هذا الحديث لغير أهله.

قال الإمام ابن شهاب الزهري الفقيه الحافظ المتوفى سنة خمس وعشرين ومائة: إن للحديث آفة ونكدا وهجنة، فآفته نسيانه، ونكده الكذب، وهجنته نشره عند غير أهله) (٣).


(١) العلل ومعرفة الرجال: ١/ ٩٢.
(٢) المحدث الفاصل: ص ٥٧١
(٣) المحدث الفاصل. وانظر لسان العرب: ١٣/ ٤٣٤ مادة: هجن.