للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فكتابتهم للحديث في صحف، وحفظهم لهذه السنة لدليل واضح منهم على العناية بالسنة واهتمامهم بها، وأدائها كما سمعوها. وقد كانوا على قسمين في كتابة الحديث، فمنهم من يحفظ أولا ثم يكتب ما حفظه في صحيفة، لكي يرجع إليها عند الشك. ومنهم من قد كان يكتب أولا ثم يحفظه وبعد ما يحفظه، إما أن يمحو ما كتب، وإما أن يتركه لكي تكون وثيقة لمروياته، والشواهد على ذلك كثيرة، وسأكتفي ببعض الأمثلة.

قال طاوس: (كنت أنا وسعيد بن جبير عند ابن عباس يحدثنا، ويكتب سعيد بن جبير) (١).

قال منصور بن المعتمر الكوفي قلت لإبراهيم النخعي: (سالم ابن أبي الجعد أتم حديثا منك!) قال: (إن سالما كان يكتب) (٢).

والمراد من قوله: (أتم) أي يروي الحديث كاملا تاما بخلاف إبراهيم فقد يرويه أحيانا ناقصا؛ لأنه يروي من حفظه، فربما ينسى الحرف والكلمة.

وكانوا يصفون من يحدث من كتاب، صاحب كتاب (٣) وإذا كان الراوي سيء الحفظ فلا يتحملون منه إلا إن حدث من كتابه، وذلك ليأمنوا خطأه (٤).


(١) المحدث الفاصل ص ٣٧٤.
(٢) المحدث الفاصل ص ٣٧٤.
(٣) انظر سير أعلام النبلاء: ٧/ ٣٥٦ و ٣٥٨، ٤٠٧.
(٤) انظر العلل ومعرفة الرجال: ٢/ ٣٥١.