للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عليها من الكتاب والسنة.

د - (القلب للدليل) وهو أن الإجماع منعقد على قبول خلاف الظاهرية؛ لأن داود الظاهري أظهر قوله في عصره وكذا تلامذته من بعده وحكى خلافهم أهل العلم في كتبهم، ولم يرو عن أحد معاصريه أنه أنكر خلافه ولم يعتد به.

واستدل أصحاب القول الثالث (وهم القائلون بقبول خلافهم في المسائل غير القياسية، وأما القياسية فلا يعتد بخلافهم) بأدلة منها:

أن المسألة إن كانت مما يتعلق بالآثار والتوقيف واللفظ اللغوي، ولا مخالف للقياس فيها، لم يصح أن ينعقد الإجماع بدونهم - إلا على رأي من يرى أن الاجتهاد لا يتجزأ -.

فإن قلنا بالتجزؤ، لم يمنع أن يقع النظر في فرع هم فيه محقون، كما نعتبر خلاف المتكلم في المسألة الكلامية؛ لأن له فيه مدخلا، كذلك أهل الظاهر في غير المسائل القياسية يعتد بخلافهم (١).

ويظهر بتأمل هذا القول أنه عائد في الحقيقة إلى القول الأول القائل بعدم الاعتداد بخلاف الظاهرية؛ لأن جل المسائل إنما هي قياسية؛ كما قال إمام الحرمين الجويني (ت ٤٧٨ هـ) (٢):


(١) البحر المحيط ٤/ ٤٧٣، نقلا عن الأبياري.
(٢) البرهان، للجويني ٢/ ٨١٨.