لها انتصاراتها المتفاوتة، ولكن روح القتال في المدينة ظلت تزداد تزمتا وتعصبا. أ. هـ، هذه النظرة من الكاتب ومن بني جنسه: حول مفهوم الجهاد في الإسلام، يجب أن تصحح فالمغانم لم تكن هي الهدف، ولا التسلط ولا المكاسب من وراء ذلك المادية، ذلك أن الغرض المصلحة التي لا يعدلها مصلحة وهي عبادة الله وحده، ودعوة الناس إلى ذلك.
ولعل أقرب ما يميل إليه الإنسان في هذا الأمر، ما أخبر عنه أكبر قساوسة وقادة المسيحية في سوريا، بعد أن تقهقرت جيوش الروم، أمام الجيوش المجاهدة في سبيل نشر الإسلام، فقد انهزمت الروم من موقع لموقع، فاجتمعت فلولهم في أنطاكية عام ١٣ هـ، وقال قائد الرومان: ما بال جيوشنا تنهزم أمام جيوش المسلمين، ونحن أكثر منهم عددا وعدة، وأكثر تدريبا وأوفر سلاحا؟!. فلم يجبه أحد، ثم قال لقواده وكبار من حوله: أجيبوا. قال أكبرهم قيادة وأكبرهم سنا: هل تأذن لي بالجواب؟. قال: نعم. قال السبب أننا نحب الحياة، وهم يحرصون على الموت، ونحن نريد المغانم، وهم يريدون الجزاء من الله، ويحرصون على الجنة التي وعدوا بها (١)، ونحن نشرب الخمر ونطرب الليل، وهم يسهرون الليل بالعبادة، قال: القائد الروماني: صدقت. فهل يمكن أن نغلبهم؟ قال: لا إلا إذا
(١) يراجع في هذا كتاب الكامل في التاريخ لابن الأثير حوادث عام ١٣ هـ.