للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كان يسومهم سوء العذاب. وأن النصرانية جاء بها عيسى عليه السلام من عند ربه؛ ليجدد بها الدين الذي جاء به موسى، وليحلل لبني إسرائيل ما حرم عليهم، فكانت الثانية ناسخة للأولى في بعض الأشياء. ثم جاء محمد عليه الصلاة والسلام، بالإسلام ليجدد ما اندرس من الدين، بعد أن كثر الفساد والضلال في الأرض، فكانت ناسخة لما قبلها. أما في العقيدة مع الله فإن جميع الديانات تدعو إلى الإسلام. وما يأتي في الأخيرة مما يتفق مع ما قبلها، فإنه لم ينسخ، فيبقى حكمه، ولنضرب لذلك هذا النموذج: شخص ألف كتابا، فظهر له فيه حاجة للتصحيح والزيادة والتعديل والتبديل، فإن المؤلف يخرج طبعة ثانية، ثم يظهر له تغيير النظريات حسب مجريات الأمور فيخرج الطبعة الثالثة. . . وهكذا. وتكون الطبعات السابقة قد دخلها بعض التعديل ممن تولاها هذا المثل حسب المعهود لدى أصحاب هاتين الديانتين الذين سماهم الله في القرآن الكريم بأهل الكتاب، وهي سمات البشر في نظراتهم القاصرة. . لكن تشريع الله سبحانه وتعالى لعباده، ليس شبيها بما يصدر عن البشر، فتعالى وتقدس عن الشبيه والنظير. . حيث يقول سبحانه: {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} (١) ولكن من باب مخاطبة العقول بما تعرف، حتى لا يكذب الله ورسوله (٢)، ولتقريب


(١) سورة النحل الآية ٧٤
(٢) كلمة لعلي بن أبي طالب.