للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقتضي سؤال الموجب المحرم لمن أوجب عليه وحرم: هل فعل مقتضى ذلك أم لا؟ وهذا محال في حق من لا يسئل عما يفعل، وإنما يعقل في حق المخلوقين وأنهم يسألون (١).

وقابل المعتزلة الأشاعرة في هذه المسألة فقالوا: لا يجب عليه شيء ويجوز عليه كل شيء (٢).

وتوسط أهل السنة فقالوا: إن الله سبحانه أخبر عن نفسه أنه كتب على نفسه وأحق على نفسه؛ كما قال تعالى في سورة الأنعام: {وَإِذَا جَاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (٣)

فلا يمتنع في حق الرب تعالى الذي ليس فوقه آمر ولا ناه، أن يكون طالبا من نفسه، فيكتب على نفسه ويحق على نفسه ويحرم على نفسه، وكتابة ما كتبه على نفسه وإحقاقه ما حقه عليها متضمن لإرادته ذلك ومحبته له ورضاه به وأنه لا بد أن يفعله، وتحريمه ما حرمه على نفسه متضمن لبغضه لذلك وكراهته للفعل وبغضه له يمنع وقوعه منه مع قدرته عليه لو شاء (٤).


(١) ينظر مفتاح دار السعادة، ابن القيم ٢/ ٥٢، ٥٥.
(٢) ينظر: الإرشاد، الجويني، ٢٣٦، ٢٣٤.
(٣) سورة الأنعام الآية ٥٤
(٤) ينظر مفتاح دار السعادة ٢/ ١١٠ - ١١١.