النبي صلى الله عليه وسلم بمثل ما جاءت به الأنبياء قبله، فإنه لما استخبرهم عما يخبر به، واستقرأهم القرآن فقرءوه عليه قال: - إن هذا والذي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة. فكان عنده علم بما جاء به موسى واعتبر به ولولا ذلك لم يعلم صدق الرسول صلى الله عليه وسلم.
ويلحظ كثرة ورود قصص الأنبياء في السورة المكية، والحكمة من ذلك: إثبات وجود جنس الأنبياء ابتداء وإثبات سعادة من اتبعهم وشقاء من خالفهم، ثم تكون نبوة عين هذا النبي صلى الله عليه وسلم ظاهرة؛ لأن الذي جاء به أكمل مما جاء به جميع الأنبياء.
فمن أقر بجنس الأنبياء كان إقراره بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم في غاية الظهور، وأما إنكار أهل الكتاب فكان لعنادهم وحسدهم فجميع ما ذكر من قصص الأنبياء في القرآن يدل على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم بطريق الأولى؛ ولهذا جميع مشركي العرب آمنوا به فلم يحتج أحد منهم أن تؤخذ منه جزية، ولا تكاد توجد أمة لا كتاب لها يعرض عليها دين المسلمين واليهود والنصارى إلا رجحت دين المسلمين (١).