للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال غيره: بل نزل ذلك في ابن أبي سرح خاصة. ثم قال: ودخل في هذه الآية كل من كان مختلقا على الله كذبا وقائلا في ذلك الزمان أو غيره: أوحى الله إلي، وهو في قوله كاذب، فأما التنزيل فإنه جائز أن يكون منزل بسبب بعضهم، وجائز أن يكون نزل بسبب جميعهم، وجائز أن يكون عني به جميع المشركين من العرب (١).

ثم أشار رحمه الله إلى تناقض أقوالهم وكيف يقول القائل: منهم أوحى الله إلي، ويقول: ما أنزل على بشر من شيء، فيكذب بالذي تحققه وينفي الذي يثبته.

ففي هذه الآيات أثبت الله تعالى وجود نوع الأنبياء ابتداء، ثم استدل بذلك على صدق نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.

وجاء ذلك في مواضع كثيرة، وأمر بسؤال أهل الكتاب؛ ذلك أن العرب لا عهد لها بالنبوة من زمن إسماعيل؛ ولهذا قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ} (٢) بل قد تقدم له نظراء وأمثال.

وأما من جاءهم رسول ما يعرفون قبله رسول مثل قوم نوح


(١) تفسير الطبري ١١/ ٥٣٤ - ٥٣٦.
(٢) سورة الأحقاف الآية ٩