والجواب عن ذلك أن يقال: إن جميع من ذكروا أنهم ردوا خبر الواحد قد ثبت عنهم في وقائع أنهم قبلوه، وهذا يدل على أن عدم أخذهم به في هذه الحادثة المعينة لسبب يوجب الرد أو التوقف، وليس لكونه خبر واحد.
فرد النبي صلى الله عليه وسلم خبر ذي اليدين؛ لأنه عارض ما اعتقده من تمام الصلاة، ولظنه خلاف ما أخبر به، وذلك لتفرده بهذا القول دون من حضر الصلاة من المأمومين، ولكن بعد أن وافقه غيره من الصحابة وارتفع الوهم عنه صلى الله عليه وسلم عمل به، وظهور أمارة الوهم في خبر الواحد توجب التوقف في قبوله (١).
وأما سبب رد عمر لخبر أبي موسى فقد صرح به بقوله:" أما إني لم أتهمك، ولكني خشيت أن يتقول الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم ".
والمقصود: بيان أن الصحابة رضي الله عنهم لم يتوقفوا في قبول خبر الواحد والاحتجاج به وأن ما نقل من الوقائع التي فيها رد بعضهم لخبر الواحد لم يكن سبب ذلك أنه واحد، بل لأسباب أخرى كالاحتياط، أو ظن الخطأ، أو زيادة التثبت، أو غير ذلك.
ثم إن هذه الوقائع التي رد فيها خبر الواحد نرى أنه قد قبل
(١) انظر: الإحكام للآمدي (١/ ٦٩)، فتح الباري (١٣/ ٢٣٧).