للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول الشيخ بدر الدين الغزي: "قد ورد في ذم المزح ومدحه أخبار، فحملنا ما ورد في ذمه على ما إذا وصل إلى حد المثابرة والإكثار، فإنه إزاحة عن الحقوق، ومخرج إلى القطيعة والعقوق، يصم المازح ويضيم المازح، فوصمه المازح أن يذهب عنه الهيبة والبهاء، ويجرئ عليه الغوغاء والسفهاء، ويورث الغل في قلوب الأكابر والنبهاء.

وأما إضامة الممازح فلأنه إذا قوبل بفعل ممض أو قول مستكره، وسكت عليه أحزن قلبه وأشغل فكره، أو قابل عليه جانب مع صاحبه حشمة وأدبا، وربما كان للعداوة والتباغض سببا، فإن الشر إذا فتح لا يستد، وسهم الأذى إذا أرسل لا يرتد، وقد يعرض العرض للهتك، والدماء للسفك، فحق العاقل (أن) (١) يتقيه وينزه نفسه عن وصمة مساويه " (٢) وعلى هذا يحمل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تمار أخاك، ولا تمازحه، ولا تعده موعدة فتخلفه (٣)»


(١) ليست في الأصل وزدناها للتوضيح
(٢) المراح في المزاح لبدر الدين الغزي: ٧، ٨
(٣) سنن الترمذي في كتاب البر والصلة، حديث: ١٩٩٥ وقال: (حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه) والحديث فيه الليث بن أبي سليم، صدوق اختلط جدا ولم يميز حديثه فترك. ت: ٤٦٤ وت ت: ٨/ ٤٦٥. فقد أعل الحديث به زين الدين العراقي في المغني عن حمل الأسفار، حديث: ١٨٧، والمناوي في فيض القدير: ٦/ ٥٤٦، وأورده الشيخ ناصر الدين في ضعيف الجامع الصغير: ٦/ ٧٧