بعضها على بعض، وذكر الأعاريب والاستنتباطات والاستشهاد بأشعار العرب على معاني الألفاظ.
وطريقته في التفسير أنه يلخص الأقوال التي قيلت في تفسير الآية، ثم يذكر بعد كل قول الروايات التي رويت فيه عن الرسول صلى الله عليه وسلم أو الصحابة أو التابعين، ثم يروي الروايات التي قيلت في القول الثاني ثم الثالث، وهكذا حتى يستكمل الأقوال والروايات، ثم يرجح ما يراه ويستدل عليه ويرد الأقوال المخالفة.
وكان الطبري في نيته أن يكون تفسيره أوسع مما كان، ولكنه اختصره استجابة لرغبة طلابه، فابن السبكي يذكر في طبقاته الكبرى أن أبا جعفر قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدره؟ فقال ثلاثون ألف ورقة، فقالوا: هذا ربما تفنى الأعمار قبل تمامه. فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة، ثم قال قبل ذلك في تاريخه. ويقع تفسير ابن جرير في ثلاثين جزءا من الحجم الكبير، وكان هذا الكتاب من عهد قريب يكاد يكون مفقودا لا وجود له، ثم قدر الله له الظهور والتداول، فكان مفاجأة سارة للأوساط العلمية في الشرق والعرب أن وجدت في حيازة أمير حائل الأمير حمود بن عبيد عبد الرشيد نسخة مخطوطة كاملة من هذا الكتاب طبع عليها الكتاب من زمن قريب فأصبحت في يدنا دائرة معارف غنية في التفسير المأثور، وقد حظي هذا التفسير بالقبول والثناء في الأوساط العلمية قديما وحديثا، قال النووي: أجمعت الأمة على أنه لم يصنف مثل تفسير الطبري. وقال أبو حامد الاسفراييني: لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل على كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرا. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير ابن جرير الطبري؛ فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة وليس فيه بدعة ولا ينقل عن المتهمين كمقاتل بن بكير والكلبي.
هذا وكتب (نولدكه) في سنة ١٨٦٠م. بعد اطلاعه على بعض فقرات من هذا الكتاب: لو كان بيدنا هذا الكتاب لاستغنينا به عن كل التفاسير المتأخرة ومع