الأسف فقد كان يظهر أنه مفقود تماما، وكان مثل تاريخه الكبير مرجعا لا يغيض معينه أخذ عنه المتأخرون معارفهم.
وقد التزم ابن جرير في تفسيره ذكر الروايات بأسانيدها إلا أنه في الأعم الأغلب لا يتعقب الأسانيد بتصحيح ولا تضعيف لأنه كان يرى كما هو مقرر في أصول الحديث، أن من أسند لك فقد حملك البحث عن رجال السند ومعرفة مبلغهم من العدالة والجرح، فهو بعمله هذا قد خرج من العهدة، ومع ذلك فابن جرير يقف أحيانا من السند موقف الناقد البصير، فيعدل من يعدل رجال الإسناد، ويجرح من يجرح منهم ويرد الرواية التي لا يثق بصحتها، ويصرح برأيه فيها بما يناسبها.
ثم إننا نجد ابن جرير يأتي في تفسيره بأخبار إسرائيلية يرويها بإسناده إلى كعب الأحبار ووهب بن منبه وابن جريج والسدي وغيرهم، ونراه ينقل عن محمد بن إسحاق كثيرا مما رواه عن مسلمة الأنصاري.
وهكذا يكثر ابن جرير من رواية الإسرائيليات، ولعل هذا راجع إلى ما تأثر به من الروايات التاريخية التي عالجها في بحوثه التاريخية الواسعة.
فعلى الباحث في تفسيره أن يتابع هذه الروايات بالنظر الشامل والنقد الفاحص، وقد يسر لنا ابن جرير الأمر في ذلك حيث إنه ذكر الإسناد، وبذلك يكون قد خرج من العهدة.
وعلينا نحن أن ننظر في السند ونتفقد الروايات (١) وقد استفاد المفسرون الذين جاءوا بعد الطبري من تفسيره، فاعتمدوا عليه في نقل كثير من التفسير المأثور، واستناروا بآرائه واجتهاداته وترجيحاته.
ويوجد لهذا التفسير طبعتان طبعة الحلبي كاملة في ثلاثين جزءا ولكنها غير محققة، وطبعة دار المعارف بتحقيق أحمد شاكر وأخيه محمود شاكر، ولكنها ناقصة حيث بدأت من مقدمة التفسير إلى تفسير الآية (٢٧) من سورة إبراهيم في ستة عشر مجلدا.
(١) راجع التفسير والمفسرون. د. محمد حسين الذهبي (١/ ٢٠٧).