للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسأتكلم عن كل منقض من منقضات التوحيد السابقة في فصل مستقل فيما يلي إن شاء الله تعالى.

الفصل الأول: الشرك الأصغر: وفيه مبحثان:

المبحث الأول: تعريفه وحكمه:

تعريفه في الاصطلاح هو: كل ما كان فيه نوع شرك لكنه لم يصل إلى درجة الشرك الأكبر ويمكن أن يقال: هو كل قول أو عمل بالقلب أو الجوارح جعل العبد فيه ندا لله تعالى، ولم تصل هذه الندية إلى إخراج صاحبها من الملة. وهذا التعريف أسلم من جهة عدم استعمال لفظ المعرف في التعريف، ولكن الأول أوضح. أما تعريفه بأنه: (كل ما ورد تسميته شركا ولم يصل إلى درجة الشرك الأكبر). فهو غير جامع، وكذلك تعريفه بأنه (كل ما يؤدي إلى الشرك) غير مانع، لأنه يدخل فيه كثير من البدع والمعاصي التي ليست من الشرك الأصغر، كالتصوير لغير التعظيم، فهو وسيلة للشرك، ولكن ليس فيه نوع إشراك حتى يكون شركا، ومثله التساهل بالصلاة عند القبر من غير تعظيم له ولا قصد للصلاة عنده، وغير ذلك مما ليس فيه عند فعله نوع إشراك من الفاعل له فلا يدخل في الشرك الأصغر؛ لأنه ليس فيه إشراك أصلا. وينظر المفردات ص ٤٢٥، القول السديد باب الخوف من الشرك، وباب الذبح ص ٣٤ - ٥٩، حاشية ابن قاسم على كتاب التوحيد ص ٥٠، فتاوى اللجنة الدائمة ١/ ٥١٧. وقد أطلق بعض العلماء الشرك الأصغر على جميع المعاصي؛ لأن فيها اتباعا للهوى، وتقديما له على طاعة الله تعالى، مستدلين بقوله تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} (١) الجاثية:٢٣ وقد ذهب كثير من المفسرين، وعلى رأسهم ابن عباس - رضي الله عنهما- إلى أن الآية السابقة في المشرك الذي يعبد ما تهواه نفسه من معبودات، فما استحسن من شيء عبده.

وهذا القول هو الأقرب، وعليه فإن المعاصي لا يدخل منهما في الشرك الأصغر إلا ما كان فيه نوع إشراك لمخلوق آخر. والله أعلم.


(١) سورة الجاثية الآية ٢٣