للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما حكمه فيتلخص فيما يأتي:

١ - أنه كبيرة من كبائر الذنوب، بل هو أكبر الذنوب بعد نواقض التوحيد

والدليل على هذا قوله - صلى الله عليه وسلم لما رأى في يد رجل حلقة من صفر: "ما هذه؟ " قال: من الواهنة. قال: "انزعها، فإنها لا تزيدك إلا وهنا، فإنك لو مت وهي عليك ما أفلحت أبدا"، وسيأتي تخريجه عند الكلام على التمائم. ويؤيد هذا قول ابن مسعود رضي الله عنه: "لأن أحلف بالله كاذبا أحب إلي من أن أحلف بغيره صادقا". وسيأتي تخريجه عند الكلام على الحلف بغير الله، فجعل الحلف بالله كاذبا، الذي هو من كبائر الذنوب، أخف من الحلف بغيره صادقا؛ لأنه من الشرك الأصغر هذا وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أن الشرك الأصغر لا يغفر إذا مات العبد وهو لم يتب منه، لعموم قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (١)

لكن أجيب عن هذا الاستدلال بأمرين:

١ - أن الآيتين في الشرك الأكبر؛ لأنهما وردتا في ضمن آيات تتحدث عن المشركين والمنافقين وأهل الكتاب.

٢ - أن الآيات الأخرى في كتاب الله تعالى رتب فيها الحكم على وصف الشرك لم يختلف أهل العلم في أن المراد به في هذه الآيات الشرك الأكبر، كقوله تعالى: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ} (٢) وكقوله تعالى: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} (٣) فكذلك آيتا النساء وهذا هو الأقرب


(١) سورة النساء الآية ٤٨ L٤٨
(٢) سورة المائدة الآية ٧٢
(٣) سورة الزمر الآية ٦٥