للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - وأما إيراده الثالث: وقوله: (وثالثا على أصل الكلام وما قاله العصري ... إلخ) أي يرد على أصل كلام العصري إيراد ثالث، وهو قول عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: أخف الحدود ثمانون، فإنه دال على أن لفظ الحدود في لغة الصحابة هي في المقدرات الشرعية التي عليها يطلقها الفقهاء وأنه لا نقل فيها ولا يراد بها مجرد حقوق الله تعالى وأوامره ونواهيه هنا.

ويرد على هذا بأن الحد في لسان الشرع أعم من ذلك:

١ - فقد يطلق ويراد به جملة ما أذن في فعله الشرع، سواء كان ذلك عن طريق الوجوب أو الندب أو الإباحة، ومعنى تعدى الحد هنا: هو تجاوز ذلك إلى ارتكاب ما نهي عنه، ودليل ذلك قوله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ} (١) وقوله تعالى: {وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} (٢)

٢ - وقد يطلق ويراد به نفس المحارم، فيقال: لا تقربوا حدود الله، ودليل ذلك من كتاب الله تعالى: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} (٣) والمراد: النهي عن ارتكاب ما نهى الله عنه في الآية من محظورات الصيام والاعتكاف في المساجد.


(١) سورة البقرة الآية ٢٢٩
(٢) سورة الطلاق الآية ١
(٣) سورة البقرة الآية ١٨٧