لم أجد في الواقع لمن حدد بأربعة أشهر أو ستة أشهر دليلا يمكن أن يصار إليه بهذا التحديد، ولعل من حدد من الأئمة لم يقصد أن التقدير حتم لازم، ولكنه ورد في ظروف معينة جاء تحديدها من باب السياسة الشرعية والمصالح المرسلة على حسب الجناة في ذلك الوقت وعلى حسب نوع الجريمة، حيث إن تحديد بعض الأئمة هو في الأمور المالية لمن ماطل فيها، وحينئذ لا يصح مع ذلك أن تؤخذ كقاعدة عامة في كل الجناة والجريمة.
أما الشافعية الذين جعلوا الحد الأعلى في التعزير في الحبس أن لا يصل سنة، فإن دليلهم في ذلك ما أخرجه البيهقي بسنده عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين».
وجه الدلالة من الحديث:
أن الحديث يدل على أنه لا يجوز أن يبلغ بالعقوبة التعزيرية مقدار حد من حدود الله تعالى، وحد الزاني غير المحصن هو جلده مائة مع تغريب سنة، والتغريب والسجن نوعان من أنواع الحبس، وعليه فلا يجوز أن يبلغ بالسجن تعزيرا حد الزاني غير المحصن وهو تغريبه سنة لهذا الحديث.