للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في تفسير هذه الآيات منها ما رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه وابن عساكر عن أبي سعيد الخدري قال: إن هذه الآية نزلت على رسول الله يوم "غدير خمة". في علي ابن أبي طالب. وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال: «كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك إن عليا مولى المؤمنين وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس» قال الذهبي إنه مر على هاتين الروايتين أيضا بدون أن يتعقبهما بشيء أصلا (١).

قلت: الشوكاني معذور في هذا لأنه جرى على المنهج الذي رسمه وقد بينه في مقدمة تفسيره، ونقطف منه هذا النص الذي يهم الموضوع وهو قول الشوكاني: (وقد أذكر الحديث معزوا إلى راويه من غير بيان حال الإسناد؛ لأني أجده في الأصول التي نقلت عنها كذلك كما يقع في تفسير ابن جرير والقرطبي وابن كثير والسيوطي وغيرهم. ويبعد كل البعد أن يعلموا في الحديث ضعفا ولا يبينونه، ولا ينبغي أن يقال فيما أطلقوه إنهم علموا بثبوته، فإن من الجائز ان ينقلوه من دون كشف عن حال الإسناد، بل هذا هو الذي يغلب به الظن، لأنهم لو كشفوا عنه فثبت عندهم صحته لم يتركوا بيان ذلك، كما يقع منهم كثيرا التصريح بالصحة أو الحسن، فمن وجد الأصول التي يروون عنها ويعزون ما في تفاسيرهم إليها فلينظر في أسانيدها موفقا إن شاء الله) (٢).

وقد لاحظ عليه الدكتور الذهبي ذمه للتقليد، وأنه كان شديد العبارة على مقلدي أئمة المذاهب فيرميهم بأنهم تاركون لكتاب الله معرضون عن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقد قسا إلى حد كبير على المقلدين حيث يطبق ما ورد من الآيات في حق الكفرة على مقلدي الأئمة وأتباعهم، فمثلا عندما تعرض لقوله تعالى في الآية (٢٨) من سورة الأعراف: {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (٣) قال ما نصه (. . . وإن في هذه الآية الشريفة لأعظم زاجر وأبلغ واعظ للمقلدة الذين يتبعون آباءهم في المذاهب


(١) التفسير والمفسرون (٢/ ٢٨٨).
(٢) تفسير الشوكاني (١/ ١٣).
(٣) سورة الأعراف الآية ٢٨