للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد أقر الإسلام هذه الميزة لبيت الله الحرام، وأما ما كان من المسلمين يوم فتح مكة فكان لضرورة تطهيره من الشرك ولأجل أن يعبد الله وحده، ومع ذلك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين، وإنها لم تحل لأحد كان قبلي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار، وإنها لن تحل لأحد بعدي (١)» الحديث.

على أن فتح مكة لم يؤثر على أمر الجرم وقدسيته شيئا، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم مناديه أن ينادي: «من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن ألقى السلاح فهو آمن، ومن أغلق بابه فهو آمن (٢)». وقد اتفق الفقهاء على أن من جنى في الحرم فهو مأخوذ بجنايته سواء كانت في النفس أم فيما دونها، واختلفوا فيمن جنى في غير الحرم ثم لاذ به ولجأ إليه، فقال أبو حنيفة وأصحابه: إذا قتل في غير الحرم ثم دخل الحرم لم يقتص منه ما دام فيه، لكن لا يجالس ولا


(١) رواه البخاري في صحيحه في مواضع، منها: - كتاب جزاء الصيد- باب لا يعضد شجر الحرم ٤/ ٤١ برقم ١٨٣٢، ومسلم في صحيحه- كتاب الحج- باب تحريم مكة وتحريم صيدها وخلاها وشجرها ولقطتها إلا لمنشد على الدوام ٩/ ١٢٣ - ١٢٦
(٢) جزء من حديث رواه مسلم في صحيحه- كتاب الجهاد- باب فتح مكة ١٢/ ١٣٣.