للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد استجاب الله دعاء خليليه ونبيه إبراهيم عليه السلام حين دعا: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ} (١) فما من مسلم في صقع من أصقاع الأرض نور الله قلبه بالإيمان وحب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم إلا وقلبه يأمل زيارة البيت الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تزال هذه الأمنية تتلجلج في صدره وتختلج في فؤاده، وتكون معه دائما في كل حركاته وسكناته وخطراته (٢).

إن المسجد الحرام هو أول بيت بني على الأرض لعبادة الله وحده، بناه إبراهيم الخليل وشاركه ابنه إسماعيل عليهما السلام، ونبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم وأمته ثمرة دعوة صدرت من هذين النبيين الكريمين البانيين هذا البيت العتيق، قال تعالى: {وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (٣) {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} (٤) {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (٥)


(١) سورة إبراهيم الآية ٣٧
(٢) انظر كلاما لابن القيم في هذا. زاد المعاد ١/ ٥١ - ٥٢
(٣) سورة البقرة الآية ١٢٧
(٤) سورة البقرة الآية ١٢٨
(٥) سورة البقرة الآية ١٢٩