مع الحذر من الذنوب والإقلاع عنها، والتوبة الصادقة منها، وحفظ جوارحه عن المحرمات، ففي مسند الإمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يوم عرفة، هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له (١)».
وقد كان سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم ومن تبعهم بإحسان -رحم الله الجميع- حريصين أشد الحرص على استغلال هذا اليوم العظيم -يوم عرفة- والإفادة منه، والمحروم من حرم فضل الله وجوده، والشقي من تمر عليه هذه الأزمان الفاضلة، والأوقات الشريفة دون استغلال لها، أو إفادة منها. فكانت أقوالهم -رحمهم الله- حاثة على شغل هذا اليوم بما هو جدير به من الأعمال الصالحة، وكانت أحوالهم وأفعالهم تطبيقا لذلك، روى ابن أبي الدنيا عن علي رضي الله عنه قال:(ليس في الأرض يوم إلا لله فيه عتقاء من النار، وليس يوم أكثر فيه عتقا للرقاب من يوم عرفة، فأكثر فيه أن تقول: اللهم أعتق رقبتي من النار، وأوسع لي من الرزق الحلال، واصرف عني فسقة الجن والأنس)، وكان حكيم بن حزام رضي الله عنه يقف بعرفة ومعه مائة بدنة مقلدة، ومائة رقبة - أي من
(١) رواه أحمد في المسند ١/ ٣٢٩، وذكره الهيثمي في المجمع ٣/ ٢٥١ وقال " رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير، ورجال أحمد ثقات "، وانظر: معجم الطبراني الكبير ١٨/ ٢٨٩.