للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هكذا فهم السلف الصالح -رحمهم الله- معنى العيد، يقول الحسن البصري: (كل يوم لا يعصى الله فيه فهو عيد، كل يوم يقطعه المؤمن في طاعة مولاه وذكره وشكره فهو له عيد)، وقال بعضهم: (ما فرح أحد بغير الله إلا بغفلته عن الله، فالغافل يفرح بلهوه وهواه، والعاقل يفرح بطاعة مولاه) (١). ثم يأتي بعد يوم العيد أيام التشريق، روى مسلم في صحيحه عن نبيشة الهذلي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أيام منى أيام أكل وشرب وذكر لله (٢)»، وهذه الأيام هي الأيام المعدودات التي قال الله عز وجل فيها: {وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَات} (٣) وهي ثلاثة أيام بعد يوم النحر، وأفضلها: أولها وهو يوم القر، لأن الحجاج في منى يستقرون فيه ولا ينفرون، ففي حديث عبد الله بن قرط السابق «إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر (٤)». وذكر الله عز وجل المأمور به في أيام التشريق أنواع متعددة، منها: ذكره عز وجل عقب الصلوات المكتوبات، بالتكبير في أدبارها، وهو مشروع إلى آخر أيام التشريق، وهو التكبير المقيد، مروي عن


(١) ينظر لهما: لطائف المعارف ٤٨٥.
(٢) رواه مسلم في صحيحه بشرح النووي -كتاب الصيام- باب تحريم صوم أيام التشريق ٨/ ١٧.
(٣) سورة البقرة الآية ٢٠٣
(٤) سنن أبو داود المناسك (١٧٦٥)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٣٥٠).