للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الفتن ورماه فيما بمنجنيق الشهوات والقوى الروحانية، ومران هو العقل الإمام في بيت مقدس البدن والتابعون له في ذلك البيت المقتدون به كل ذلك ذرية بعضها من بعض لوحدة المورد واتفاق المشرب: {إِذْ قَالَتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا} (١) عن رق النفس مخلصا في عبادتك عن الميل إلى السوى: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} (٢) قال الواسطي: محفوظ عن إدراك الخلق: {وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا} (٣) حيث سقاها من مياه القدرة، وأثمرها شجرة النبوة وكفلها زكريا لطهارة سره وشيبه الشيء منجذب إليه كلما دخل عليها المحراب وجد عندها رزقا هو ما علمت، ويجوز أن يراد الرزق الروحاني من المعارف والحقائق والعلوم والحكم الفائضة عليها من عند الله تعالى إذ الاختصاص بالعندية يدل على كونه أشرف من الأرزاق البدنية (٤)، فهذا التفسير بعيد جدا عن ظاهر الآيات ولا علاقة له البتة بالآية، لأن الآية ورد فيها اصطفاء الله لآدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين، فهؤلاء أشخاص فكيف يرمز لهم بالمعاني كالروح أو العقل أو القلب، فهذه الرموز لا علاقة لها بالآية ولا دليل عليها من السنة أو كلام السلف أو لغة العرب، فهذه التفسيرات وأمثالها باطلة لا يصح تفسير كتاب الله بها، فالسير على هذا المنهج في التفسير تحريف لآيات الله، وإبطال لمعانيها فكان الأولى بالألوسي أن ينزه تفسيره عن مثل هذا، كما لا يفوتني أن أبين أن الألوسي ينقل عن الصوفية تفسيرات قد تكون قريبة من معنى الآية أو لها وجه صحيح، وهذا كثير في مواضع متعددة من تفسيره ولا يحتاج إلى تمثيل.


(١) سورة آل عمران الآية ٣٥
(٢) سورة آل عمران الآية ٣٧
(٣) سورة آل عمران الآية ٣٧
(٤) الألوسي (٣/ ١٤٣)