للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السعود وإذا نقل عنه قال: قال شيخ الإسلام، وتفسير البيضاوي وإذا نقل عنه قال: قال القاضي، وتفسير الفخر الرازي وإذا نقل عنه قال: قال الإمام، كما نقل عن تفسير ابن عطية وأبي حيان والزمخشري وابن كثير وغير ذلك من التفاسير، فقد نقل في تفسيره خلاصة هذه التفاسير، ولا يقتصر على النقل فقط، فنجده ينصب نفسه حكما بين هذه التفاسير ويناقشها ويرجح ما يراه صحيحا ويضعف ما يراه ضعيفا، فكان يناقش المعتزلة في آرائهم ويرد عليها كما في تفسير قوله تعالى: {وَطَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ} (١) وقوله: {اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} (٢) ويناقش الشيعة ويرد عليهم في طعنهم على الصحابة كما في قوله تعالى: {وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انْفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا} (٣) كما نجده يستطرد في ذكر المسائل النحوية متأثرا بأبي حيان في تفسيره في ذلك. ويعني بذكر القراءات المتواترة وغيرها وذكر المناسبات بين الآيات وبين السور، وذكر أسباب النزول، ويستطرد في ذكر مسائل الفقه عند تفسير آيات الأحكام، فيذكر أقوال الفقهاء وأدلتهم مع الترجيح وغالبا ما يرجح مذهب أبي حنيفة ولا يتعصب له، فنجده أحيانا يرجح مذهب الشافعي إذا اقتنع بأدلته، كما أنه يناقش الإسرائيليات ويفندها، ومن ذلك تفنيده لقصة عوج ابن عنق، وقصة سفينة نوح (٤).

ويلاحظ على الألوسي اهتمامه بالتفسير الإشاري على طريقة الصوفية فإذا انتهى من التفسير الظاهر تكلم عن التفسير الباطن فينقل فيه كلام الصوفية في التفسير كالجنيد وابن عطاء وأبي العباس المرسي، فينقل عنهم نقولا في تفسير باطن الآية وهي بعيدة عن التفسير، ومن أمثلة ذلك تسيره لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ} (٥) [آل عمران: ٣٣].

قال الألوسي: وما يتعلق بالباطن من أصول الدين فهو ولده كأولاد المشايخ والولد سر أبيه ويمكن أن يقال: آدم هو الروح في أول مقامات ظهورها، ونوح هو هي مقامها الثاني من مقامات التنزل وإبراهيم هو القلب الذي ألقاه نمرود النفس في نيران


(١) سورة التوبة الآية ٩٣
(٢) سورة البقرة الآية ١٥
(٣) سورة الجمعة الآية ١١
(٤) تفسير الشوكاني (١/ ٣٦٠).
(٥) سورة آل عمران الآية ٣٣