وعلموها الناس، وثبتوا على سنته بعد مماته، يحرصون على معرفة السنة ويحذرون من الخلاف والجدل العقيم، يعلمون الجاهل ويذكرون الغافل، إذا جهل أحدهم أمرا سأل عنه، وإذا سئل أحدهم عن شيء يعلمه، أفتى بما يعلم، فإن لم يكن عنده في هذه المسألة علم، أحال السائل إلى غيره، مع أمرهم الناس بالمعروف ونهيهم عن المنكر بحكمة وأسلوب حسن، فكان لهم في ذلك مواقف محمودة، وأحوال مرضية، ومن تلك:
المثال الأول: ما رواه مسلم في صحيحه عن عبد الله بن حنين «أن عبد الله بن عباس والمسور بن مخرمة رضي الله عنهما اختلفا بالأبواء -وهو مكان بين مكة والمدينة - فقال عبد الله بن عباس: يغسل المحرم رأسه، وقال المسور لا يغسل المحرم رأسه، فأرسلني -القائل هو عبد الله بن حنين - ابن عباس إلى أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أسأله عن ذلك، فوجدته يغتسل بين القرنين، وهو يستتر بثوب، قال فسلمت عليه فقال: من هذا؟ فقلت: أنا عبد الله بن حنين، أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه وهو محرم، فوضع أبو أيوب رضي الله عنه يده على الثوب فطأطأه حتى بدا لي رأسه، ثم قال لإنسان يصب اصبب، فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه، فأقبل بهما