للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الطريقة الشرعية، فهذا قد اختلفت فيه آراء العلماء المعاصرين على قولين:

القول الأول: أنه مباح (١) عملا بالآية الكريمة: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٢) والأصل في هذه الذبائح الإباحة إلا إذا علمنا أنها ذبحت على غير الطريقة الشرعية.

القول الثاني: أن هذا النوع من الذبائح حرام، لأن الأصل في الحيوانات التحريم، فلا يحل شيء منها إلا بذكاة شرعية متيقنة تنقلها من التحريم إلى الإباحة، وحصول الذكاة على الوجه الشرعي في هذه اللحوم مشكوك فيه فتبقى على التحريم؛ لأنه اشتهر من عادتهم أو عادة أكثرهم الذبح بالخنق أو بضرب الرأس أو بالصعق الكهربائي، ومن أدلة هؤلاء قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق على صحته: «إذا أرسلت كلبك المعلم وذكرت اسم الله عليه فكل فإن وجدت معه كلبا آخر فلا تأكل (٣)» فالحديث يدل على أنه إن وجد مع كلبه المعلم كلبا آخر أنه لا يأكله تغليبا لجانب الحظر، فقد اجتمع في هذا الصيد مبيح وهو إرسال الكلب المعلم إليه مع التسمية، وغير مبيح وهو اشتراك الكلب الآخر الذي لم يرسله لذا منع الرسول صلى الله عليه وسلم من أكله (٤) وكذلك اللحم المستورد من الخارج تردد بين شيئين مبيح وحاظر فيغلب جانب الحظر؛ لأنه لا يعلم كيف ذبح، مع كثرة ذبحه بالطرق غير الشرعية حسب النشرات والأخبار التي تنشر في الجرائد والمجلات، وهذا القول هو الذي يترجح عندي لقوة مستنده وليس مع مخالفيه من مستند سوى التمسك بعموم قوله تعالى: {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ} (٥) وهذا العموم يخصص بالنصوص التي تدل على أنه إذا تنازع حاظر ومبيح غلب جانب الحظر، وقولهم الأصل في ذبائح أهل الكتاب الحل يعارض: بأصل أقوى منه وهو أن الأصل في الذبائح التحريم إلا ما ذبح على الطريقة الشرعية، ولهذا يقول الفقهاء لو اشتريت ميتة بمذكاة لم يأكل من الاثنين، وأيضا يستبعد أن تأتي الذكاة الشرعية على جميع هذه الكميات


(١) ومجلة الأزهر مجلد ٤ جزء ١ ص: ٢٦.
(٢) سورة المائدة الآية ٥
(٣) صحيح البخاري الوضوء (١٧٥)، صحيح مسلم الصيد والذبائح وما يؤكل من الحيوان (١٩٢٩)، سنن الترمذي الصيد (١٤٧٠)، سنن النسائي الصيد والذبائح (٤٢٦٣)، سنن أبو داود الصيد (٢٨٤٧)، سنن ابن ماجه الصيد (٣٢٠٨)، مسند أحمد بن حنبل (٤/ ٢٥٦)، سنن الدارمي الصيد (٢٠٠٢).
(٤) انظر في ذلك رسالة مطبوعة للشيخ: عبد الله بن محمد بن حميد - رحمه الله -.
(٥) سورة المائدة الآية ٥