العموم على مصلحة الخصوص، لكن بحيث لا يلحق الخصوص مضرة".
وقد اقتفى الخلفاء والأئمة سبيل صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الشأن، فابن الزبير رضي الله عنه يشتري الدور المجاورة للحرم المكي ويضمها إليه، ويوسعه بها، وكذلك الوليد بن عبد الملك يكلف واليه على المدينة عمر بن عبد العزيز بإعادة بناء المسجد النبوي، ويشترى البيوت المجاورة له، ويضيفها إليه.
ومن بعد هؤلاء أبو جعفر المنصور - كما ذكر الأزرقى - اشترى من الناس دورهم اللاصقة بالمسجد الحرام من أسفله حتى وضعه إلى منتهاه اليوم.
ولقد عد الفقهاء من قبيل ذلك نقل شهداء أحد من قبورهم عندما أراد معاوية إجراء عين الكظامة فنادى مناديه بالمدينة: من كان له قتيل بأحد فليشهد.
قال ابن عرفة "إنما فعل معاوية ذلك لمصلحة عامة حاجية كبيع الحبس لتوسيع جامع الخطبة".
وهذه الأعمال سواء منها إكراه البعض على بيع دورهم لمنفعة عامة كزيادة في مسجد ضاق على المصلين، أو نبش الأموات، ونقل رفاتهم إلى أماكن أخرى، هذه الأعمال مما لا يخفى، وكان الصحابة ثم التابعون، ثم تابعوهم موجودين، ولم يظهر من أحد منهم خلاف أو اعتراض على ذلك. يقول السمهودي في تاريخ المدينة " روى يحيى بن سعيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال: لما ولي عثمان بن عفان سنة أربع وعشرين، كلمه الناس أن يزيد في مسجدهم، وشكوا إليه ضيقه يوم الجمعة، حتى إنهم ليصلون في الرحاب، فشاور فيه عثمان أهل الرأي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجمعوا على أن يهدمه ويزيد فيه، فصلى الظهر بالناس ثم صعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أيها الناس، إني قد أردت أن أهدم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأزيد فيه، وأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة، (١)» وقد كان لي فيه سلف وإمام سبقني وتقدمني عمر بن الخطاب، كان قد زاد فيه وبناه، وقد شاورت أهل الرأي من