للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويقول: {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} (١).

ومما شاع وظهر في هذا الزمان كثرة المفتين بغير علم، وتجرأ العامة على الفتوى من رجال ونساء. وكان على العاقل أن لا يتجرأ على الفتوى بغير علم، فلقد كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتدافعون الفتوى خوفا من القول على الله بلا علم - رضي الله عنهم، بل كان كل واحد منهم - رضي الله عنهم - يود أن صاحبه كفاه الفتوى. قال البراء بن عازب - رضي الله عنه -: لقد رأيت ثلاثمائة من أهل بدر ما منهم من أحد إلا وهو يحب أن يكفيه صاحبه الفتوى.

وقال الإمام الشافعي: ما رأيت أحدا جمع الله فيه من آلة الفتيا ما جمع في ابن عيينة، وأسكت عن الفتيا منه، وقال إسحاق بن راهويه: قال ابن عيينة: أعلم الناس بالفتوى أسكتهم فيها، وأجهل الناس بالفتوى أنطقهم فيها، وقال عطاء بن السائب: أدركت أقواما كان أحدهم ليسأل عن الشيء فيتكلم، وإنه ليرعد، وقال الأشعث كان محمد إذا سئل عن شيء من الفقه الحلال والحرام تغير لونه وتبدل حتى كأنه ليس بالذي كان. وحكي عن مالك أنه كان إذا سئل عن مسألة كأنه واقف بين الجنة والنار.


(١) سورة الزخرف الآية ١٩