فإذا كان هذا كله مقررا - فلا يخفى أن مصلحة الجاني تحمل نفقة العلاج لا سيما فيما إذا كان من شأن الجناية السراية بسبب المضاعفات الناتجة عنها. وحتى لو مات المجروح بعد ذلك فإن الجاني يطمئن على أنه قد بذل السبب لإنقاذ حياة المجني عليه وإنقاذ نفسه في الوقت نفسه من القصاص فيما لو كانت الجناية عمدا، وقد يؤثر ذلك لدى الأولياء في التنازل إلى الدية والصلح.
وأما الجنايات التي ليس فيها شيء مقدر فلا أرى هناك ما يمنع من الأخذ بما استحسنه بعض المالكية من لزوم تحمل نفقات العلاج فيها مطلقا عملا بالقاعدة الشرعية: الضرر يزال. حيث إن العلاج وسيلة إزالة ضرر الجراحة وقد ألحق الجاني ضرر الجراحة بالمجني عليه فلزمه إزالته بالعلاج؛ لا سيما وأنها في الغالب ليست خطيرة كخطورة ما فيها شيء مقدر. ومن ثم فإذا برئت الجناية على شين أخذ زيادة على ذلك الحكومة.
وقد رأى بعض المعاصرين أن النفقات التي هي من قبيل تعويض العضو المفقود كتركيب رجل صناعية مثلا هي مشمولة حتما بمبلغ الأرش، ولكن النفقات اللازمة للوصول إلى حالة البرء والتي هدفها اجتناب سرية التلف وتفاقمه يمكن تحميلها كاملا أو بعضا على الجاني، والأفضل ترك ذلك