للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أيام الله العظيمة ويوم من الأيام المباركة، وقفت أخي بصعيد عرفات أوصيك ونفسي بتقوى الله في هذا اليوم، أكثر فيه من التسبيح والتكبير والتحميد والتهليل استغفر الله من خطاياك وزللك، ارفع أكف الضراعة إلى ذي الجلال والإكرام، هذا يوم يباهي الله بكم حجاج بيته الحرام ملائكته «انظروا إلى عبادي شعثا غبرا (١)» أخرجه الإمام أحمد في مسنده «ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبيدا من النار من يوم عرفة (٢)» أخرجه مسلم، أتى نبيكم صلى الله عليه وسلم هذا الموقف، فوقف بنمرة ثم دفع إلى عرنة فخطب بها الناس خطبة عظيمة نافعة وجيزة، بين فيها حرمة الدماء والأموال، وألغى فيها مآثر الجاهلية ورباها ودماءها وأخبرهم أنه تارك فيهم ما إن تمسكوا به لن يضلوا كتاب الله وسنته صلى الله عليه وسلم؛ صلى بهم الظهر والعصر جمعا وقصرا في وقت الظهر، أمر المؤذن فأذن فأقام وصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر، ثم أتى عرفة فكان واقفا على راحلته مستقبل القبلة، يدعو ربه ويتضرع بين يديه، رافعا يديه خاضعا مستكينا خاشعا راجيا، صلوات الله وسلامه عليه، سقط خطام ناقته فتناوله بإحدى يديه ويده الأخرى رافعها يدعو الله ويرجوه، أفطر في ذلك اليوم ليبين أن الفطر للحاج أولى من الصيام بعث إليه بقدح لبن فشربه والناس ينظرون، سقط رجل من أصحابه


(١) مسند أحمد بن حنبل (٢/ ٣٠٥).
(٢) صحيح مسلم الحج (١٣٤٨)، سنن النسائي مناسك الحج (٣٠٠٣)، سنن ابن ماجه المناسك (٣٠١٤).